منتديات اللمة الجزائرية ترحب بكم

ضيفنا الكريم
حللت أهلاً .. ووطئت سهلاً ..
أهلاً بك بين اخوانك واخواتك
آملين لك أن تلقى المتعة والفائدة معنا
.:: حيـاك الله ::.

نتمنى أن نراك بيننا

اللمة الجزائرية هي ملتقى كل العرب فهيا معا نلتقي لنرتقي
منتديات اللمة الجزائرية ترحب بكم

ضيفنا الكريم
حللت أهلاً .. ووطئت سهلاً ..
أهلاً بك بين اخوانك واخواتك
آملين لك أن تلقى المتعة والفائدة معنا
.:: حيـاك الله ::.

نتمنى أن نراك بيننا

اللمة الجزائرية هي ملتقى كل العرب فهيا معا نلتقي لنرتقي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى اللمة الجزائرية ملتقى لكل الجزائرين و العرب


 
الرئيسيةالبوابةالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
اتصل بنا



المواضيع الأخيرة
» هَـِـِمسَاتِ دِفْء
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 5:07

» جمعة مباركة للجميع
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 5:02

» الابتسامة لاتضيعها
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:53

» منتديات احلى تطوير عالمكم احلى معنا شاركونا الابداع و التميز
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:45

» مُدونتيِ~ وردتيِ آلبيِضآء خلف غيِوم متمزٍِقة ~
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:42

» شعر حزين عن الموت
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:41

» ♦♦خاطرة صمت♦♦
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:40

» أجمل ما قيل في الحياة (حكم رائعة)
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:39

» شعر عن الحرية
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:38

» بِ قلِمْيّ مجدداً ..
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeمن طرف gtu الثلاثاء 20 أبريل 2021 - 4:37

المواضيع الأكثر شعبية
خطبة رائعة مكتوبة لابد من قراءتها
يا كعبة يابيت ربي محلاك لعبد الرحمان عزيز رحمه الله
مسجات عن الصباح اجمل مسجات الصباح لا يفوتك
les code ranati djezzy 2012
مسجات عتاب
طريقة تحضير الشخشوخة البسكرية
تحميل لعبة Zuma للموبايل - Zuma mobile
لعبة المليون رد
رسائل قصيرة رونسية بالفرنسية des sms en français
اوصل لرقم 5 واهدي عضو وردة
المواضيع الأكثر نشاطاً
لعبة المليون رد
اوصل لرقم 5 واهدي عضو وردة
عد الى 3 و اختار عضو تتعشى معه عشاء رومنسي
لعبـــة الأسمـــــــاء
حطم الرقم القياسي
جاوب بنعم او لا
في ماذا تفكر الان ,,,
ماذا اكتشفت في العضو الي قبلك
لعبة اتوقعات
عنوان ليومك
أفضل 10 فاتحي مواضيع
akcent
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
batoul
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
مجهولة
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
نبراس السرور♥
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
♦♦ضياء القمر♦♦
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
دمۉع آڸحپ
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
khalil dz
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
احــ بريئة ــلام
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
gtu
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
زهرة البستان
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
akcent
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
batoul
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
دمۉع آڸحپ
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
نبراس السرور♥
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
مجهولة
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
maryoula dz
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
زهرة البستان
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
gtu
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
احــ بريئة ــلام
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 
♦♦ضياء القمر♦♦
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_rcapمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Voting_barمجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Vote_lcap 

 

 مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
batoul
المدير العام
المدير العام
batoul


الساعة الان ✿ الساعة الان ✿ :
✿ ملاحظة ✿ ✿ ملاحظة ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Oja81011
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl11
جنسي ✿ جنسي ✿ : انثى
عـدد مساهـماتـيـ ✿ عـدد مساهـماتـيـ ✿ : 1065
نــقـــ ــاطـي ✿ نــقـــ ــاطـي ✿ : 40006
السمعة ✿ السمعة ✿ : 31
مــ ـيلادي ✿ مــ ـيلادي ✿ : 05/09/1990
تـاريخـ التسـجيلـ ✿ تـاريخـ التسـجيلـ ✿ : 24/07/2014
أحلى دولة أعيش فيها ✿ أحلى دولة أعيش فيها ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Jazaer10
عــ ــمريـ ✿ : 33
انثى مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl12
المسمى ✿ المسمى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  923691159
مزاجي ✿ مزاجي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1335131544527
مشروبي المفضل ✿ مشروبي المفضل ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Pepsi
اعجاب بالمنتدى ✿ اعجاب بالمنتدى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Full1010
متصفحي ✿ متصفحي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  411
ملك/ة المنتدى : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  King-forme
اوسمتي ✿ مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Url110
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1418851033681
MMS MMS : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  File_3432682

مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Empty
مُساهمةموضوع: مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك    مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeالثلاثاء 23 سبتمبر 2014 - 7:25

خطبة عيد الأضحى علي بن عبد الرحمن الحذيفي
ملخص الخطبة
1- لكل أمة عيد. 2- عيدا المسلمين. 3- أعمال يوم النحر. 4- معاني العيد ومقاصده الجليلة. 5- أهمية التوحيد. 6- شهادة أن محمداً رسول الله. 7- شهود جمع المسلمين. 8- تقوية الرابطة الإيمانية. 9- محاسن الإسلام. 10- فضل الأضحية. 11- الحث على المحافظة على أركان الإسلام العملية. 12- الحث على مكارم الأخلاق. 13- التحذير من الشرك. 14- التحذير من كبائر الذنوب. 15- أفضل الأيام. 16- أحكام الأضحية. 17- موعظة للنساء. 18- التذكير بنعم الله تعالى. 19- حقيقة العيد. 20- سنة التكبير. 21- التذكير بالموت.

الخطبة الأولى

أما بعد، فاتقوا الله أيها المسلمون، اتقوه حق التقوى، والزموا عروة الإسلام الوثقى، فتقوى الله خير زادكم، وعدتكم ووسيلتكم إلى ربكم.
عباد الله، إن لكل أمة من الأمم عيداً يعود عليهم في يوم معلوم، يتضمن عقيدتها وأخلاقها وفلسفة حياتها، فمن الأعياد ما هو منبثق ونابع من الأفكار البشرية البعيدة عن وحي الله تعالى، وهي أعياد العقائد غير الإسلامية، وأما عيد الأضحى وعيد الفطر فقد شرعهما الله تعالى لأمة الإسلام، قال الله تعالى: لِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا [الحج:34]، روى ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس قال: (منسكاً أي: عيداً)[1] فيكون معنى الآية أن الله جعل لكل أمة عيداً شرعياً أو عيداً قدرياً.
وعيد الأضحى وعيد الفطر يكونان بعد ركن من أركان الإسلام، فعيد الأضحى يكون بعد عبادة الحج، وعيد الفطر يكون بعد عبادة الصوم، عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما قال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: ((قد أبدلكم الله خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر)) رواه أبو داود والنسائي[2].
فعيد الأضحى جعله الله يوم العاشر من ذي الحجة بعد الوقوف بعرفة ركنِ الحج الأعظم، وشرع في هذا العيد أعمالاً جليلة صالحة يتقرب بها المسلمون إلى الله تعالى، وسماه الله يوم الحجر الأكبر؛ لأن أكثر أعمال الحج تكون في يوم هذا العيد، والله عز وجل برحمته وحكمته وعلمه وقدرته شرع الأعمال الصالحة والقربات الجليلة، ودعا الناس كلهم إلى فعلها قربةً إلى الله وزلفى عنده كما قال تعالى: سَابِقُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَاء وَٱلأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ [الحديد:21]، وقال تعالى: فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً [المائدة:48]، فإذا لم يُمكن أن يعمل المسلم بعض الطاعات لأجل اختصاصها بمكان أو بزمان شرع الله له طاعات من جنس ونوع تلك الطاعات المختصة بالمكان أو الزمان، فيوم عرفة عيد لحجاج بيت الله الحرام، واجتماع لهم وتضرع لله عز وجل، فمن لم يحج شرع الله له صلاة عيد الأضحى في جمع المسلمين، وشرع له صيام عرفة الذي يكفر السنة الماضية والآتية، وقربانُ الحاج وذبائحهم شرع الله مقابل ذلك أضحية المقيم، فأبواب الخيرات كثيرة ميسرة، وطرق البر ممهَّدة واسعة، ليستكثر المسلم من أنواع الطاعات لحياته الأبدية بقدر ما يوفقه الله تعالى.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون، إن العيد من شعائر الإسلام العظيمة الظاهرة، والعيد يتضمن معاني سامية جليلة، ومقاصد عظيمة فضيلة، وحِكماً بديعة، أولى معاني العيد في الإسلام توحيد الله تعالى لإفراد الله عز وجل بالعبادة في الدعاء والخوف والرجاء والاستعاذة والاستعانة، والتوكل والرغبة والرهبة والذبح والنذر لله تبارك وتعالى، وغير ذلك من أنواع العبادة، وهذا التوحيد هو أصل الدين الذي ينبني عليه كل فرع من الشريعة، وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله المدلولِ عليه بقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، الذي نقرؤه في صلاة العيد وغيرها من الصلوات، والتوحيد هو الأمر العظيم الذي بتحقيقه يدخل الإنسان جنات النعيم، وإذا ضيَّعه الإنسان لا ينفعه عمل، وخُلِّد في النار أبداًً. والمتأمل في تاريخ البشرية يجد أن الانحراف والضلال والبدع وقع في التوحيد أولاً ثم في فروع الدين. فتمسك ـ أيها المسلم ـ بهذا الأصل العظيم، فهو حق الله عليك وعهد الله الذي أخذه على بني آدم في عالم الأرواح، وقد أكد الله في القرآن العظيم توحيد الله بالعبادة، وعظم شأنه، فما من سورة في كتاب الله إلا وهي تأمر بالتوحيد نصاً أو تضمناً أو التزاماً، أو تذكر ثواب الموحدين أو عقوبات المشركين، فمن وفى بحق الله تعالى وفى الله له بوعده، تفضُّلاً منه سبحانه، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)) رواه البخاري[3]. فالتوحيد أول الأمر وآخره.
وثاني معاني العيد تحقيق معنى شهادة أن محمداً رسول الله التي ننطق بها في التشهد في صلاة العيد وغيْرها من الصلوات، إن معنى شهادة أن محمداً رسول الله طاعة أمره واجتناب نهيه وتصديق أخباره وعبادة الله بما شرع مع محبته وتوقيره، قال الله تعالى: قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ[النور:54].
ومن حكم العيد ومنافعه العظيمة شهود جمع المسلمين لصلاة العيد، ومشاركتهم في بركة الدعاء والخير المتنزل على جمعهم المبارك، والانضواء تحت ظلال الرحمة التي تغشى المصلين، والبروز لرب العالمين، إظهاراً لفقر العباد لربهم، وحاجتهم لمولاهم عز وجل، وتعرضاً لنفحات الله وهباته التي لا تُحد ولا تُعد، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. رواه البخاري ومسلم[4]. فتشهد النساء العيد غير متبرجات وغير متعطرات.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون، وإن من حكم العيد ومنافعه العظمى، التواصل بين المسلمين، والتزاور، وتقارب القلوب، وارتفاع الوحشة، وانطفاء نار الأحقاد والضغائن والحسد. فاقتدار الإسلام على جمع المسلمين في مكان واحد لأداء صلاة العيد آية على اقتداره على أن يجمعهم على الحق، ويؤلف بين قلوبهم على التقوى، فلا شيء يؤلف بين المسلمين سوى الحق؛ لأنه واحد، ولا يفرق بين القلوب إلا الأهواء لكثرتها، فالتراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم، كما روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))[5]، وفي الحديث: ((ليس منا من لم يرحم الصغير، ويوقر الكبير))[6]، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ((ابغوني في الضعفاء، فإنما تُنصرون وتُرزقون بضعفائكم)) رواه أبو داود بإسناد جيد[7].
والمحبة بين المسلمين والتواد غاية عظمى من غايات الإسلام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم)) رواه مسلم[8]. فجاهد نفسك ـ أيها المسلم ـ لتكون سليمَ الصدر للمسلمين، فسلامة الصدر نعيم الدنيا، وراحة البدن ورضوان الله في الأخرى، عن عبد الله بن عمرو قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: ((كل مخموم القلب، صدوق اللسان)) قالوا: فما مخموم القلب؟ قال: ((هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والبيهقي[9].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله، إن من غايات العيد ومنافعه إعلان تعاليم شريعة الإسلام ونشرها في المجامع ومشاهد المسلمين، وتبليغها على رؤوس الأشهاد، ليأخذها ويتلقاها الجيل عن الجيل، والآخر عن الأول، علماً وعملاً مطبَّقاً، فتستقر تعاليم الإسلام في سويداء القلوب، ويحفظها ويعمل بها الكبير والصغير، والذكر والأنثى، وخطبةُ العيد التي شرعها رسول الله تشتمل على أحكام الإسلام السامية، وتشريعاته الحكيمة. وظهور فرائض الإسلام وتشريعاته وأحكامه هي القوة الذاتية لبقاء الإسلام خالداً إلى يوم القيامة، فلا يُنسى، ولا يُغيَّر، ولا تُؤوَّل أحكامه، ولا تنحرف تعاليمه.
أيها المسلمون، عيد الأضحى ترتبط فيه أمة الإسلام بتاريخها المجيد في ماضيها المشرق السحيق، الأمة المسلمة عميقة جذور الحق في تاريخ الكون، متصلةُ الأسباب والوشائج عبر الزمان القديم، منذ وطئت قدم أبينا آدم عليه الصلاة والسلام الأرض، وتنزل كلام الله على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عبر العصور الخالية، قال الله تعالى: إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ[الأنبياء:92]، وختم الله الرسل عليهم الصلاة والسلام بسيد البشر محمد الذي أمره الله باتباع ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بقوله: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ [النحل:123]، فكانت شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ناسخة لجميع الشرائع، فلا يقبل الله إلا الإسلام ديناً، ولا يقبل غيره، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ [آل عمران:85]، وفي الحديث: ((والذي نفسي بيده، لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار)) رواه مسلم[10].
فأنتم ـ معشر المسلمين ـ على الإرث الحق والدين القيم، ملة الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ودين الخليل محمد ، وعيد الأضحى يربطكم بهذين الخليلين النبيين العظيمين عليهما الصلاة والسلام، لما شرع الله لكم في هذا اليوم من القربات والطاعات، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال أصحاب رسول الله : ما هذه الأضاحي يا رسول الله؟ قال: ((سنة أبيكم إبراهيم)) قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: ((بكل شعرة حسنة)) رواه ابن ماجه[11].
وذلك أن الله أمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبح ولده إسماعيل عليه السلام قرباناً إلى الله، فبادر إلى ذبحه مسارعاً، واستسلم إسماعيل صابراً، فلما تمَّ مرادُ الله تعالى بابتلاء خليله إبراهيم عليه السلام، وتأكد عزمه، وشرع في ذبح ابنه، فلم يبق إلا اللحم والدم، فداه الله بذبح عظيم، فعَلِم الله عِلم وجود أن خلة إبراهيم ومحبته لربه لا يزاحمها محبة شيء، والأضحية والقرابين في منى تذكير بهذا العمل الجليل الذي كان من إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله، الصلاة الصلاة، فإنها عماد الإسلام، وناهية عن الفحشاء والآثام، وهي العهد بين العبد وربه، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هي الصلاة، فإن قبلت قبلت وسائر العمل، وإن ردت ردت وسائر العمل. وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، تطهروا بها نفوسكم، وتحفظوا بها أموالكم من المهالك، وتحسنوا بها إلى الفقراء، وتثابوا على ذلك أعظم الثواب، فقد تفضل الله عليكم بالكثير، ورضي منكم بنفقة اليسير. وصوموا شهر رمضان، وحجوا بيت الله الحرام، فإنهما من أعظم أركان الإسلام.
وعليكم ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأيتام، وذلك عمل يعجِّل الله ثوابه في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من حسن الثواب، كما أن العقوق والقطيعة ومنع الخير مما يعجل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يؤجل لصاحبه في الآخرة من أليم العقاب.
وارعوا ـ معشر المسلمين ـ حقوق الجار، وفي الحديث: ((لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه))[12] يعني شره. وأمُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر فإنهما حارسان للمجتمع، وسياجان للإسلام، وأمان من العقوبات التي تعم الأنام، وإياكم وأنواع الشرك التي تبطل التوحيد، التي يقع فيها من لا علم له كدعاء الأنبياء والصالحين والطواف على قبورهم وطلب الغوث منهم، أو طلب كشف الكربات منهم والشدائد، أو دعائهم بجلب النفع أو دفع الضر، أو الذبح أو النذر لغير الله تعالى، أو الاستعاذة بغير الله تعالى، قال الله عز وجل: وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً [الجن:18]، وقال عز وجل: إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء:48].
وإياكم وقتل النفس المحرمة، والزنا، فقد قرن الله ذلك في كتابه بالشرك بالله عز وجل، قال تعالى: وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:69]، ومعنى أَثاما بئر في قعر جهنم والعياذ بالله، وفي الحديث: ((لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً))[13]، وعن الهيثم عن مالك الطائي عن النبي قال: ((ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له)) رواه ابن أبي الدنيا[14].
وعمل قوم لوط أعظم من الزنا، فقد لعن فاعله رسول الله [15]، والسحاق نوع من الزنا، وخبث من الخبائث المحرمة، وإياكم والربا فإنه محق للكسب، وغضب للرب، عن البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً: ((الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثل إتيان الرجل أمه)) رواه الطبراني في الأوسط[16].
وإياكم والتعرض لأموال المسلمين والمستضعفين، فإن اختلاطه بالحلال دمار ونار، وإياكم والرشوة وشهادة الزور فإنها مضيعة للحقوق مؤيِّدة للباطل، ومن كان مع الباطل أحلَّه الله دار البوار، وجلَّله الإثم والعار، فقد لعن رسول الله الراشي والمرتشي[17]، وقرن الله شهادة الزور بالشرك بالله عز وجل.
وإياكم والخمر وأنواع المسكرات والدخان والمخدرات، فإنها تفسد القلب، وتغتال العقل، وتدمر البدن، وتمسخ الخُلُق الفاضل، وتغضب الرب، وتفتك بالمجتمع، ويختل بسببها التدبير، عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله قال: ((كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال)) قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: ((عرق أهل النار)) أو ((عصارة أهل النار)) رواه مسلم والنسائي[18].
وإياكم والغيبة والنميمة فإن المطعون في عرضه يأخذ من حسنات المغتاب بقدر مظلمته، عن حذيفة مرفوعاً: ((لا يدخل الجنة قتات)) يعني: نمام، متفق عليه[19].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
قال الله تعالى: وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون [الأنعام:153].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين، وبقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


[1] أخرجه ابن جرير في تفسيره (17/198)، وعزاه السيوطي في الدر (6/47) لابن أبي حاتم.
[2] أخرجه أحمد (3/103)، وأبو داود في الصلاة (1134)، والنسائي في العيدين (1556)، وصححه الحاكم (1/434)، والضياء في المختارة (1911)، وصححه الحافظ في الفتح (2/442).
[3] أخرجه البخاري في الجهاد (2856)، وكذا مسلم في الإيمان (30).
[4] أخرجه البخاري في الحج (1652)، ومسلم في العيدين (890) واللفظ له.
[5] أخرجه البخاري في الأدب (6011)، ومسلم في البر (2586) واللفظ له.
[6] أخرجه الترمذي في البر، باب: ما جاء في رحمة الصبيان (1919) من طريق زربي عن أنس رضي الله عنه، وقال: "هذا حديث غريب، وزربي له أحاديث مناكير عن أنس بن مالك وغيره"، لكن للحديث شواهد منها عن عبد الله بن عمرو أخرجه أحمد (2/207)، والبخاري في الأدب المفرد (358)، والترمذي (1920) وقال: "حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في الصحيحة (2196).
[7] أخرجه أحمد (5/198)، وأبو داود في الجهاد (2594)، والترمذي في الجهاد (1702)، والنسائي في الجهاد (3179)، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (4767) والحاكم (2/116، 157) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (779).
[8] أخرجه مسلم في الإيمان (54).
[9] أخرجه ابن ماجه في الزهد (4216)، والطبراني في مسند الشاميين (1218)، وأبو نعيم في الحلية (1/183)، قال أبو حاتم كما في العلل لابنه (2/127): "هذا حديث صحيح حسن"، وصحح سنده المنذري في الترغيب (3/349)، والبوصيري في مصباح الزجاجة، وهو في صحيح الترغيب (2889).
[10] أخرجه مسلم في الإيمان (153) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[11] أخرجه أحمد (4/368)، وعبد بن حميد (259)، وابن ماجه في الأضاحي (3127)، والطبراني في الكبير (5/197) من طريق عائذ الله المجاشعي، عن أبي داود، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال الحاكم (2/422): "صحيح الإسناد"، وتعقبه الذهبي والمنذري في الترغيب (2/99)، فقال: "بل واهيه، عائذ الله المجاشعي وأبو داود وهو نفيع بن الحارث الأعمى، وكلاهما ساقط"، وضعفه البوصيري في الزوائد، وقال الألباني في ضعيف ابن ماجه (672): "ضعيف جداً".
[12] أخرجه البخاري في الأدب (6016) من حديث أبي شريح رضي الله عنه.
[13] أخرجه البخاري في الديات (6862) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
[14] عزاه السيوطي في الجامع لابن أبي الدنيا، وأخرجه ابن الجوزي من طريقه في ذم الهوى (ص190) والهيثم بن مالك الطائي تابعي ثقة، فهو مرسل، والراوي عنه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، ولذا ضعفه الألباني في الضعيفة (1580).
[15] أخرج أحمد (1/309)، وأبو يعلى (2539)، والطبراني (11546)، والبيهقي (8/231) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال: ((لعن الله من عمل عمل قوم لوط)) في حديث طويل. وصححه ابن حبان (4417)، والحاكم (4/356)، وذكره الألباني في صحيح الترغيب (2421).
[16] أخرجه الطبراني في الأوسط (7151)، قال الهيثمي في المجمع (4/117): "فيه عمر بن راشد وثقه العجلي وضعفه جمهور الأئمة"، وحكم عليه أبو حاتم بالانقطاع كما في العلل لابنه (1/381)، ولكن له شواهد يصحّ بها، ولذا صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1871).
[17] أخرجه أحمد (11/87)، (6532)، وأبو داود في الأقضية (3580)، والترمذي في الأحكام (1337)، وابن ماجه في الأحكام (2313) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن الجارود (586)، وابن حبان (5077)، والحاكم (4/102، 103)، ووافقه الذهبي.
[18] أخرجه مسلم في الأشربة (2002).
[19] أخرجه البخاري في الأدب (6056)، ومسلم في الإيمان (105).

الخطبة الثانية

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الحمد لله الواحد الأحد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، أحمد ربي وأشكره على نعمه وآلائه التي لا تحصى ولا تعد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الصمد، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سنن الرشد، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ذوي الفضل والسؤدد.
أما بعد:
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ بطلب مرضاته، والبعد عن محرماته، واعلموا أن يومكم هذا يوم جليل، وأن عيدكم عيد فضيل، عن عبد الله بن قرط أن النبي قال: ((أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر))[1] وهو اليوم الذي بعد يوم النحر، ولأن يوم عرفة وإن كان فاضلاً من بعض الوجوه فهو مقدمةٌ وتوطئة ليوم النحر، ففي عرفة يتطهرون من الذنوب، ويدعون ويتضرعون ويخشعون ويتوبون، فإذا هذِّبوا ونُقّوا وتطهروا من الآثام، وازدادوا خيراً، ازدلفوا ليلة جمع، وتضرعوا واستغفروا وتابوا، ثم ذبحوا قرابينهم لله تعالى، فأكلوا من ضيافة الله لهم في منى في يوم النحر، ثم أذِن الله لهم بزيارته، والطواف ببيته.
وأما غير الحاج فشرع الله له الأضحية في هذا اليوم، مع الذكر وفعل الخيرات، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: ((ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله عز وجل من هراقة دم، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا)) رواه الترمذي وابن ماجه[2]، وعن ابن عباس رضي الله عنها عن النبي قال: ((ما عمل ابن آدم في يوم أضحى أفضل من دم يهراق إلا أن يكون رحماً يوصل)) رواه الطبراني[3]، وعن أبي سعيد الخدري عن النبي قال: ((يا فاطمة، قومي إلى أضحيتك، فاشهديها، فإن لك بكل قطرة من دمها ما سلف من ذنوبك)) قالت: يا رسول الله، ألنا خاصة أهل البيت، أو لنا وللمسلمين؟ قال: ((بل لنا وللمسلمين)) رواه الطبراني والبزار[4].
معشر المسلمين، إن الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته في الأضحية، وتجزئ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، ولا يجزئ من الضأن إلا ما تم له ستة أشهر، ولا من المعز إلا الثني وهو ما تم له سنة، ولا من الإبل إلا ما تم له خمس سنين، ولا من البقر إلا ما تم له سنتان، ويستحب أن يتخيرها سمينة صحيحة، ولا تجزئ المريضة البين مرضها، ولا العوراء، ولا العجفاء، وهي الهزيلة، ولا العرجاء البين ضلعها، ولا العضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها، وتجزئ الجمّاء والخصي.
والسنة نحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى، والبقر والغنم على جنبها الأيسر متوجهة إلى القبلة ويقول عند الذبح: بسم الله وجوباً، والله أكبر استحباباً، اللهم هذا منك ولك، ويستحب أن يأكل ثلثاً ويهدي ثلثاً ويتصدق بثلث، لقوله تعالى: فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ [الحج:36]، ولا يعطي الجزار أجرته منها.
ووقت الذبح بعد صلاة العيد باتفاق، واليوم الذي بعد ذلك فيه خلاف، والراجح أنه زمن للذبح مع فوات فضيلة.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
يا نساء المسلمين، اتقين الله تعالى في واجباتكن التي طوقت أعناقكن، أحسِنَّ إلى أولادكن بالتربية الإسلامية النافعة، واجتهدن في إعداد الأولاد إعداداً سليماً ناجحاً، فإن المرأة أشد تأثيراً على أولادها من الأب، وليكن هو معيناً لها على التربية، وأحسِنَّ إلى الأزواج بالعشرة الطيبة، وبحفظ الزوج في عرضه وماله وبيته، ورعاية حقوق أقاربه وضيفه وجيرانه، ففي الحديث عن النبي : ((إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحجَّت بيت ربها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت))[5].
وعليكِ ـ أيتها المرأة المسلمة ـ أن تشكري نعمة الله عليك حيث حفظ لك الإسلام حقوقك كاملة، ولا تنخدعي بالدعايات الوافدة فإن مكانتك في هذه البلاد أحسن مكانة في هذا العصر، واذكرن دائماً قول الله تعالى: يأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَاءكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلْـٰدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَـٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الممتحنة:12]، فقد كان النبي يذكر النساء بهذه الآية في العيد كما رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما[6]، ومعنى بِبُهُتَـٰنٍ يَفْتَرِينَهُ لا يلحقن بأزواجهن أولاداً من غيرهم.
أيها المسلمون، اشكروا الله واحمدوه على نعمه الظاهرة والباطنة، اشكروه على نعمة الإسلام، واحمدوه واشكروه على نعمة الأمن والإيمان، وتيسُّر الأرزاق والمنافع والمرافق والتمتع بالطيبات التي لا تحصى، واشكروه تعالى على اجتماع الكلمة في بلادكم هذه، وصرف الفتن عنكم التي تُستحل فيها الحرمات، وتختلف فيها القلوب. وشكر الله على ذلك بطاعة الله ودوامها، واجتناب معصيته، وملازمة التوبة.
أيها المسلمون، اعلموا أنه ليس السعيد من تزين وتجمل للعيد، فلبس الجديد، ولا من خدمته الدنيا وأتت على ما يريد، لكن السعيد من فاز بتقوى الله تعالى، وكتب له النجاة من نار حرها شديد، وقعرها بعيد، وطعام أهلها الزقوم والضريع، وشرابهم الحميم والصديد، وفاز بجنة الخلد التي لا ينقص نعيمها ولا يبيد.
واعلموا ـ عباد الله ـ أن التكبير المقيد لغير الحاج يبدأ من فجر يوم عرفة إلى آخر عصر أيام التشريق، وأما الحاج فيبدأ من ظهر يوم النحر، وأما التكبير المطلق فيكون في عشر ذي الحجة.
عباد الله، تذكروا ما أنتم قادمون عليه من الموت وسكراته، والقبر وظلماته، والحشر وكرباته، وصحائف الأعمال والميزان والصراط وروعاته، واذكروا من صلى معكم في هذا المكان فيما مضى من الزمان، من الأخلاء والأقرباء والخلان، كيف اخترمهم هادم اللذات، فأصبحوا في تلك القبول مرتهنين بأعمالهم، فأحدهم في روضة من رياض الجنان، أو في حفرة من حفر النيران، فتيقنوا أنكم واردون على ما عليه وردوا، وشاربون كأس المنية الذي شربوا، فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ [لقمان:33].
أين الأمم الخالية؟ وأين القرون الماضية؟ أين منهم ذوو الملك والسلطان؟ وأين منهم ذوو الأكاليل والتيجان؟ وأين تلك العساكر والدساكر؟ أين الذين جمعوا الأموال، وغرسوا الأشجار، وأجروا الأنهار، وشيدوا الأمصار؟ أين منهم الغني والفقير؟ أتى عليهم الموت فنقلهم من القصور إلى ضيق القبور، ومن أنس الأهل والأصحاب إلى اللحد والتراب، فلا تركنوا إلى هذه الدنيا التي لا يؤمن شرها، ولا تفي بعهدها، ولا يدوم سرورها، ولا تُحصى آفاتها، ما مثلُها إلا كمائدة أحدكم، تُعجب صاحبها ثم تصير إلى فناء، دارٌ يبلى جديدها، ويهرم شبابها، وتتقلب أحوالها، فاتخذوها مزرعة للآخرة، فنِعم العمل فيها.
عباد الله، إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً[الأحزاب:56].
فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وحبيب الحق تبارك وتعالى.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...



[1] أخرجه أحمد (4/350)، وأبو داود في المناسك (1765)، والنسائي في الكبرى (4098)، وصححه ابن خزيمة (2866)، وابن حبان (2811)، والحاكم (4/246)، وأقره الذهبي، ورمز له السيوطي بالصحة، وصححه الألباني في الإرواء (1958).
[2] أخرجه الترمذي في الأضاحي (1493)، وابن ماجه في الأضاحي (3126)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وصححه الحاكم (2/389)، وتعقبه الذهبي والمنذري، وضعفه الألباني في الضعيفة (527).
[3] عزاه الهيثمي في المجمع (4/18)للطبراني في الكبير، وقال: "فيه يحيى بن الحسن الخشني وهو ضعيف، وقد وثقه جماعة"، وضعفه الألباني في الضعيفة (525).
[4] أخرجه الحاكم (4/222) من طريق عطية عن أبي سعيد، قال الذهبي: "عطية واه"، وعزاه المنذري في الترغيب (2/100) للبزار ولأبي الشيخ في الضحايا وقال: "في إسناده عطية بن قيس وثق وفيه كلام"، وكذا قال الهيثمي في المجمع (4/17). وضعفه الألباني في الضعيفة (2/15).
[5] أخرجه أحمد (1/191) من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وليس فيه: ((وحجت بيت ربها))، قال المنذري في الترغيب (2/671): "رواة أحمد رواة الصحيح خلا ابن لهيعة، وحديثه حسن في المتابعات"، وعزاه الهيثمي في المجمع (4/306) للطبراني في الأوسط وقال: "فيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح"، وقال الألباني في صحيح الترغيب (1932): "حسن لغيره".
[6] أخرجه البخاري في التفسير (4895)، وكذا مسلم في العيدين (884).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
batoul
المدير العام
المدير العام
batoul


الساعة الان ✿ الساعة الان ✿ :
✿ ملاحظة ✿ ✿ ملاحظة ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Oja81011
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl11
جنسي ✿ جنسي ✿ : انثى
عـدد مساهـماتـيـ ✿ عـدد مساهـماتـيـ ✿ : 1065
نــقـــ ــاطـي ✿ نــقـــ ــاطـي ✿ : 40006
السمعة ✿ السمعة ✿ : 31
مــ ـيلادي ✿ مــ ـيلادي ✿ : 05/09/1990
تـاريخـ التسـجيلـ ✿ تـاريخـ التسـجيلـ ✿ : 24/07/2014
أحلى دولة أعيش فيها ✿ أحلى دولة أعيش فيها ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Jazaer10
عــ ــمريـ ✿ : 33
انثى مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl12
المسمى ✿ المسمى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  923691159
مزاجي ✿ مزاجي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1335131544527
مشروبي المفضل ✿ مشروبي المفضل ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Pepsi
اعجاب بالمنتدى ✿ اعجاب بالمنتدى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Full1010
متصفحي ✿ متصفحي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  411
ملك/ة المنتدى : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  King-forme
اوسمتي ✿ مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Url110
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1418851033681
MMS MMS : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  File_3432682

مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك    مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeالثلاثاء 23 سبتمبر 2014 - 7:33

الخطبة الأولى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ[سبأ: 1]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الكبير، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله البشيرُ النذيرُ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
تمسَّكوا بتقوى الله - جل وعلا -؛ فهي سببُ المخرَج من كل كربٍ في الدنيا والآخرة: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2، 3].
أيها المسلمون:
إن العيدَ يومُ فرحٍ وسُرور، وإن المسلمون يفرَحون، وكيف لا يفرَحون وقد فازُوا بطاعة المَولَى، وحازوا النعمةَ العُظمى بالمُسابقة إلى الخيراتِ والأعمال الصالحات، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس: 58].
ليس العيدُ من لبِسَ الجديد، ولكن العيدَ الحقيقي لمن كان في طاعة ربِّه مُكثِرًا ومن كانت طاعتُه تكثُر وتزيد، ليس العيدُ من ركِبَ أفخمَ مركوب، ولكن العيدَ لمن حُطَّت عنه الخطايا وغُفِرَت له الذنوب.
يقول الحسن - رحمه الله -: "كل يومٍ لا نعصِي اللهَ فيه فهو عيد، وكلُّ يومٍ نقضِيه في طاعة الله - جل وعلا - فهو عيدٌ".
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إن هذا اليوم يومٌ عظيمٌ، وهو أعظمُ عيدَي الإسلام وأفضلُهما؛ روى أحمد وغيرُه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أعظمُ الأيامِ يومُ النحر».
وهذا اليومُ والثلاثةُ بعده أعيادُ أهل الإسلام، يقول الله - جل وعلا -: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203].
وروى أحمد وأهل السنن - بسندٍ حسنٍ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدُنا أهل الإسلام، وهي أيامُ أكلٍ وشُربٍ».
وخرَّج مسلمٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أيامُ مِنَى أيمُ أكلٍ وشُربٍ وذكرٍ لله - جل وعلا -».
ولهذا حرُم صومُها - أي: أيام التشريق - إلا لمن لم يجد هديَ التمتُّع فيصومُ صومًا واجبًا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الأضاحِي سنَّةُ الخليلين: محمد وإبراهيم - عليهما أفضلُ الصلاة والسلام -، شُرِعت لتحقيق التوحيد والتعظيم والتبجيل لله - جل وعلا -: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162، 163].
شُرِعت الأضاحي لتحقيق تقوى الله - جل وعلا -: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37]. ولهذا فأجرُها عظيمٌ، وثوابُها جزيلٌ.
وتتأكَّد مشروعيتها لمن كان لثمنها واجِدًا؛ روى ابن ماجه وغيره - بسندٍ حسنٍ - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من وجدَ سعَةً فلم يُضحِّ فلا يقربنَّ مُصلاَّنا».
ثم إن هناك أحكام شرعَها - عليه الصلاة والسلام - لهذه الفريضة العظيمة؛ فالشاةُ الواحدةُ تُجزئُ عن الرجل وأهل بيته من الأموات والأحياء، والبدَنة والبقرة تُجزئُ عن سبعة، ومن كان عنده وصايا وأوقاف فإنه يجبُ عليه أن يُنفِذَها حسبَ المنصوص.
ولا يُجزئُ في الأُضحِية إلا ما كان سليمًا من العيوب المانعةِ من الإجزاء؛ فلا تُجزئُ العوراءُ البيِّنُ عورُها - وهي ما نتأت عينُها أو انخسَفَت -، ولا العرجاءُ البيِّنُ ضَلْعُها - وهي التي لا تقدِرُ المشيَ مع الصحيحة -، ولا تُجزئُ المريضةُ البيِّنُ مرضُها في بدنها أو الذي يُؤثِّرُ في فساد لحمها -، ولا تُجزئُ العَجفاءُ - وهي الهزيلةُ التي لا مُخَّ فيها -. ثبت ذلك في حديث البَراء.
وألحقَ أهلُ العلم ما كان بمثل هذه العيوب أو أشد، وقد ثبتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه عنه أن يُضحَّى بأعضبِ القرن أو الأذن.
ولهذا نصَّ أهل العلم على أنه لا يجوز التضحيةُ بمكسور القرن ولا مقطوع الأُذن إذا كان ذلك النصف فأكثر.
وأما البَتراء التي لم يُخلَق لها ذنَبٌ، أو الجمَّاء التي لا قرنَ لها فإنها تُجزئُ عند أهل العلم.
ولا يُجزئُ في الأضاحي إلا ما تمَّ له السنُّ المُعتبَر؛ ففي الإبل خمسُ سنين، وفي البقر سنتان، وفي الماعز سنةٌ، وفي الشاةِ نصفُها.
ووقتُ الذبح - أيها المسلمون - من بعد صلاة العيد، والأفضلُ أن يكون بعد الخُطبة لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويستمرُّ وقتُ الذبحِ إلى ثلاثة أيامٍ بعد يوم النحر - على الصحيح من قولي أهل العلم -.
والمُستحبُّ - أيها المسلمون - أن يأكل منها وستصدَّقَ ويُهدِي، والسنَّةُ أن يذبَحَها بنفسه إن كان مُحسِنًا، أو يشهَدَ ذبحَها، كما ثبتَ ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولا يجوزُ أن يُعطِي الجزَّار أُجرَته منها، وإنما لا بأسَ أن يُعطِيَه على سبيل الهدية.
ولا يجوز بيعُ جلدُها ولا شيءٌ منها، وإنما يُباحُ الانتفاعُ بذلك.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون:
في الأعياد تُظهِرُ الأُمَم زينتَها، وتُعلِنُ فرحَها وسُرورَها، وتُسرِّي عن نفسها ما يُصيبُها من مشاقِّ الحياة ولأوائِها، فتمتَّعوا بالطيباتِ هنيئًا مريئًا، وإياكم والمنهيَّات، وتجنَّبوا المُحرَّمات، والتزِموا بالمفروضات.
ثم أيتها المرأة المسلمة:
عليكِ بتقوى الله - جل وعلا -، وإياكِ والسفورَ؛ فإن ذلك مما يُغضِبُ الله - جل وعلا -، في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صِنفان من أهل النار لم أرَهما ..»، ثم ذكرَ منهما: «.. ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مُميلاتٌ رؤوسهنَّ كأسنِمةِ البُختِ المائلة، لا يدخلن الجنةَ ولا يجِدنَ ريحَها».



أيها الشباب:
اتقوا الله - جل وعلا -، والتزِموا بأخلاق الإسلام ومحاسن الفضائل لتكونوا في ظلِّ الله - جل وعلا - يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه؛ ففي الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعةٌ يُظِلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه»، وذكر منهم: «شابًّا نشأَ في طاعة الله».
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِه وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رِضوانِه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابه.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المسلمين:
وفي مثل هذا الموسمِ وأمتُنا تعيشُ حالةً قاسية ومرحلةً خطيرة، فإنه آنَ الأوانَ إلى أن نستدرِكَ ونستيقِنَ يقينًا جازمًا أن المسلمين لن يكونوا في منأًى عن الشقاء والمِحَن، ولا عن العناء والفِتَن إلا حينما يتمسَّكون بثوابتِهم ويعودون لأصالتهم، إن أساس القوة والتمكين ورُكن الأمن المَكين هو التمسُّك بالوحيَيْن والهديَين، ولذلك أعلنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك المحفَل العظيم الذي ودَّع فيه أمتَه حينما قال: «وتركتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به فلن تضِلُّوا: كتابَ الله»، وفي روايةٍ: «وسُنَّتي».
فقد رأى المسلمون جميعًا ما حلَّ ببعض بُلدان المسلمين التي جعل حُكَّامُها كتابَ الله - جل وعلا - وراءَهم ظِهرِيًّا، واستبدَلوها بالقوانين الوضعيَّة، وما كان مآلُ ذلك إلا الخزيُ والعارُ والتفرُّق والاختلاف والعاقبةُ السيئة والحالُ الحزينة.
نسأل الله - جل وعلا - أن يُهيِّئَ لشُعوب تلك البُلدان حياةً طيبةً وعيشةً راضيةً تُرضِي الخالقَ - جل وعلا -، وتُسعِدُ العبادَ في الدنيا والآخرة.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المسلمين:
إن الدماءَ في الإسلام مُصانة، إن الدماءَ المعصومة مُحترمةٌ مُعظَّمةٌ في القرآن وسنةِ سيد ولد عدنان - عليه أفضل الصلاة والسلام -، ولهذا حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي يعلمُ بعلم الله له بما أوحى إليه ما تؤولُ إليه أمورُ أمته، فوقفَ في مثل هذا اليوم فخطبَ في خُطبة يوم النَّحر - وقبل ذلك في خطبة عرفة -، فكان مما قال: «إن دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم حرامٌ عليكم كحُرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا».
لقد حذَّر أمتَه من التهاوُن في الدماء، ومن التقاتُل بين المسلمين، فقال: «لا ترجِعوا بعدي كفَّارًا يضرِبُ بعضُكم رِقابَ بعضٍ».
فالويلُ ثم الويلُ لمن تلطَّخَت يدُه بدماء المسلمين؛ ماذا عُذرُه عند ربه يوم يلقاه؟!
الله - جل وعلا - يقول: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93].
فأين العقل الرَّصين؟ وأين أُخُوَّة الدين؟ وأين محبَّةُ الله ومحبَّةُ رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟!
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المسلمين:
يتسامَعُ العالَم ما أصابَ بُلدانًا كثيرة من هزَّاتٍ اقتصادية، وانهياراتٍ مالية، يلمَّسون لها الحلولَ والعلاجَ، ألا وإن العلاجَ الأوحدَ والسبيلَ الوحيدَ للإصلاح عند الخالق - جل وعلا - الذي أرسل للبشرية جميعًا رحمةً مُهداة، ونورًا لهذه الأرض ولأهلها، إنه: محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - الذي حذَّر البشرية من أسباب الانهيار الاقتصادي، حينما أعلنَها جليَّةً في موقفه يوم عرفة حينما قال: «وإن ربَا الجاهليَّة موضوعٌ».
فيا عُقلاءَ العالم! هلمُّوا إلى هذه الرحمة وإلى هذا النور، وادرُسوا نظامَ الإسلام الشامل - خاصةً النظامَ الاقتصادي - تجِدون العلاجَ الناجعَ الناجحَ للأزمات كلِّها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون:
إن هذه البلاد قد أنعمَ الله عليها بنعمٍ عظيمة، ألا وإن أعظمَ نعمةٍ حينما قامت على منهجِ الوحيَيْن منذ بداية الدعوة السلفية على يدِ الإمامَين المُجدِّدين: الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب، حتى نشأت هذه الدولة في مراحلها الثلاث، - ولله الحمد - في رخاءٍ وازدهار، ثم قام الملكُ عبد العزيز - رحمه الله - بهذه البلاد بكل خيرٍ، فقامت مُزدهِرةً سعيدةً هنيئةً - ولله الحمد -.
ألا وإن من أعظم النعَم على حُكَّامها وأهلها: أن جعلهم خُدَّامًا لضُيوف الرحمن، فلم يألُ حُكَّامُها بكل غالٍ ورخيصٍ في خدمةِ الحُجَّاج والمُعتمِرين وفي خدمةِ البيتين العظيمَيْن والمسجدَيْن الشريفين والحرمَيْن الكريميْن.
فجزى الله حُكَّامَها خيرًا، ومدَّ الله في عُمر خادم الحرمَيْن ونائبِه، وجزاهم الله خيرًا، وجعل الله هذه البلادَ آمنةً مُطمئنةً رخاءً سخاءً.
وإن الواجبَ - أيها المسلمون - تجاه هذه النِّعَم التي أنعمَ الله بها على أهل هذه البلاد أن يتكاتفَ أهلُها مع حُكَّامها على الخير والبرِّ، وأن يتعاوَنوا على ذلك، وأن يحذَروا من كل دعوةٍ تَكِيدُ لحُكَّامها ولأهلها ولمُجتمعها.
نسأل الله - جل وعلا - أن يُحقِّقَ لنا الأمنَ والأمان في هذه البلاد وفي جميع بُلدان المسلمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللم أذِلَّ الشركَ والمشركين.
اللهم اغفر لنا في هذا اليوم، اللهم اغفر لنا في هذا اليوم الكريم، اللهم كفِّر عنا السيئات وارفع لنا الدرجات، اللهم اكتُبنا مع الفائزين، اللهم اكتُبنا مع الفائزين، اللهم اكتُبنا مع الفائزين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم ارحمنا برحمتك، اللهم اعفُ عنَّا يا عفوُّ يا كريم.
اللهم سلِّم الحُجَّاج والمُعتمِرين، اللهم سلِّم الحُجَّاج والمُعتمِرين، اللهم وأكمِل لهم نُسُكَهم على أحسن حالٍ يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمُسلمات الأحياء منهم والأموات.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضى، اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لما فيه خدمةُ رعاياهم، اللهم احفَظ بُلدان المسلمين، اللهم احفظ بلاد المسلمين، اللهم احفظ المسلمين في الشام، اللهم احفظ المسلمين في الشام، اللهم احفظ المسلمين في الشام وفي اليمن، اللهم احفظ المسلمين في مصر وفي تونس وفي ليبيا، اللهم اجعل لهم حياةً سعيدةً طيبةً يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعِد علينا هذا العيدَ أعوامًا عديدة وأزمِنةً مديدة ونحن في صحةٍ وعافيةٍ وفي طاعةٍ يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم يا غني يا حميد يا ولي يا حميد يا ولي يا حميد أنزِل علينا الغيث، اللهم أنزِل علينا الغيثَ، اللهم أنزِل علينا الغيثَ، اللهم ارحمنا رحمةً من عندك، اللهم ارحمنا رحمةً من عندك، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا.
عباد الله:
اذكروا اللهَ ذكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدنا ونبيِّنا محمد وآله وصحبه.



خطبة عيد الاضحى المبارك 10 ذى الحجة 1432هـ - المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة - فضيلة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ خطيب وإمام المسجد النبوي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
batoul
المدير العام
المدير العام
batoul


الساعة الان ✿ الساعة الان ✿ :
✿ ملاحظة ✿ ✿ ملاحظة ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Oja81011
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl11
جنسي ✿ جنسي ✿ : انثى
عـدد مساهـماتـيـ ✿ عـدد مساهـماتـيـ ✿ : 1065
نــقـــ ــاطـي ✿ نــقـــ ــاطـي ✿ : 40006
السمعة ✿ السمعة ✿ : 31
مــ ـيلادي ✿ مــ ـيلادي ✿ : 05/09/1990
تـاريخـ التسـجيلـ ✿ تـاريخـ التسـجيلـ ✿ : 24/07/2014
أحلى دولة أعيش فيها ✿ أحلى دولة أعيش فيها ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Jazaer10
عــ ــمريـ ✿ : 33
انثى مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl12
المسمى ✿ المسمى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  923691159
مزاجي ✿ مزاجي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1335131544527
مشروبي المفضل ✿ مشروبي المفضل ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Pepsi
اعجاب بالمنتدى ✿ اعجاب بالمنتدى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Full1010
متصفحي ✿ متصفحي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  411
ملك/ة المنتدى : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  King-forme
اوسمتي ✿ مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Url110
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1418851033681
MMS MMS : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  File_3432682

مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك    مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeالثلاثاء 23 سبتمبر 2014 - 7:39

خطبة العيد ( عيد الأضحى)
لسنة 1433هـ/2012 م
إعداد : محمد الشيخ طلحاوي
إمام مسجد ذي النورين ـ ادرار ـ الجزائر
الله أكبر تسعا ,
الله أكبر ما تهللت وجوه المخلصين بهذا اليوم المنير.الله أكبر ما خرجوا لصلاة العيد رافعين أصواتهم بالتحميد والتهليل والتكبير. الله اكبر ما تعاون أهل الإسلام على البر والتقوى ونبذ أفعال العصاة المذنبين الله أكبر ما تصافح المسلمون وتصالحوا على فعل الخير وتركوا خصال المعاندين الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبفضله تنزل الخيرات والبركات وبتوفيقه تتحقق المقاصد والغايات.الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا .... الحمد لله الذي أتم علينا نعمة الإسلام وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خصنا بخير كتاب أنزل وأكرمنا بخير نبي أرسل وأتم علينا النعمة بأعظم منهاج شرع منهاج الإسلام << اليوم أكملت لكم دينكم....>> وأشهد ان سيدنا وإمامنا وقدوتنا وأسوتنا وحبيبنا المصطفى عبد الله ورسوله معلم الناس الخير وهادي البشرية إلى الرشد وقائد الخلق للحق صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الذين آمنوا به وعزروه ونصروه رضي الله عنهم وعمن دعا بدعوته واهتدى بسنته وجاهد حق جهاده إلى يوم الدين.

الله أكبر (03) 
إن الأعياد ليست بعودة الأيام وتكرار السنين ولكن بما يتحقق فيها من القيم الإنسانية والأهداف النبيلة من إحقاق للحق وإزهاق للباطل وإنصاف للمظلومين وردع الظالمين وتفريج كرب المكروبين . الأعياد هي العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله واقتفاء أثر السلف الصالح. الأعياد هي بإنجاز المشاريع النافعة التي تخدم الإسلام وتعلي شان المسلمين وتجعلهم أقوياء أعزاء لا يمدون أيديهم إلى غيرهم.الأعياد هي فرص لتقوية النفس والعمل على تهذيبها والأخذ بزمامها في طريق المجد. الأعياد ليست بالتأنق بلبس الجديد والإسراف في المآكل والمشرب والإنغماس في الملذات.إنما الأعياد هي إفراغ الصدور من الضغائن والغل والحسد والحقد ومصافحة القلوب لبعضها وطرح الكبرياء والاحتيال والإحسان إلى عباد الله أجمعين.
الله أكبر(03) 
نحن اليوم في يوم العيد عيد الأضحى المبارك في يوم الحج الأكبر كما سماه الله تبارك وتعالى وسماه رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم تقضى معظم مناسك الحج.
في هذا اليوم تقضى معظم مناسك الحج في هذا اليوم يجتمع المسلمون من أنحاء العالم في منى
الملايين من شتى البلدان ومن شتى الألوان ومختلف الأجناس ومختلف اللغات ذابت بينهم الفوارق فلا يعرف منهم عربي من عجمي ولا فقير من غني ولا سيد من مسود الكل سواسية هناك 
جاء الإسلام ليوحد الأمة بعبادته : الجماعة في الصلوات الخمس توحد أهل الحي والجمعة توحيد أكبر والعيد توحيد أكبر لأهل البلدة والحج توحيد للمسلمين جميعا
ففي مثل هاته الأيام وهاته المناسبة تتجلى قوة الأمة الإسلامية ووحدتها.
فالإسلام يدعو إلى الوحدة والتآزر والتماسك ويحذر من الفرقة والتنافر<<واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا>>
واعلموا يا عباد الله أن قوة المسلمين وعزتهم وكرامتهم تتوقف على جمع كلمتهم ووحدة صفهم والبعد عن كل ما يمزق شملهم وأن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم
واعلموا أيضا أن المستفيد الأول والأخير من تنازع المسلمين وتفرقهم هو عدوهم من يهودية ماكرة وصليبية حاقدة فلقد أدرك أعداء الإسلام أن قوة هاته الأمة تكمن في تمسكها بدينها وتماسكها ورص صفوفها فلذلك تراهم يسعون إلى تفريقها وتشتيتها وتمزيقها فتارة يعملون على إثارة المذهبية فهذا مالكي وهذا شافعي وهذا صوفي وهذا سلفي ومرة بإثارة القبلية والعرقية هذا أسود وهذا أبيض وهذا من فلان والآخر من بني علان 
فاحذروا عباد الله من مكر الأعداء واعملوا على تحقيق المقولة : ما جمعته كلمة الله لا تفرقه يد الشيطان
الله أكبر(03) 
إن عيد الأضحى أيها المسلمون يذكرنا بأبي الأنبياء وأبينا إبراهيم u سيدنا إبراهيم الذي ضحى بوطنه وهاجر لله وضحى بنفسه فألقي في النار من أجل توحيد الله ولم يبال بما أصابه في سبيل الله 
وهو الذي ضحى بولده وفلذة كبده وقرة عينيه هو الذي ضحى بابنه الوحيد الذي وهبه الله له على الكبر فتعلق به فؤاده وكلما نما الولد نما حبه في قلبه وزاد تعلقه به فأراد الله أن يمتحنه بذبح هذا الولد فكان ذلك في رؤيا منامية ولم يكن وحيا صريحا.<< يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى >>فامتثل سيدنا إبراهيم لأمر ربه ولم يكن في روعة موقف الوالد إلا موقف الابن والولد سر أبيه ومن شابه أباه فما ظلم فكان أن أجابه بقوله: يا أبت افعل ما تومر ستجدني إن شاء الله من الصابرين.وفعلا صبر الوالد وصبر الولد وسلم الوالد ولده وسلم الولد عنقه للذبح وامسك الوالد بالسكين ليذبح وهنا جاء الفرج. لقد نجح سيدنا إبراهيم في الامتحان كما نجح ابنه. فليس القصد أن يذبح الولد وإنما القصد أن يمتثل الأمر فنودي أن :<< يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ...بذبح عظيم>> لذلك شرعت الأضحية في هذا العيد وقد روى: << ضحوا فإنها سنة أبيكم إبراهيم>> فكلما ضحينا تذكرنا هذا الحديث العظيم هذا الموقف الجليل من الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام.تذكرنا كيف يرقى الإنسان إلى أن يضحي بأعز شيء عليه وأحب شيء إليه ما دام ذلك في سبيل الله. هكذا ينبغي أن يكون الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى فسيدنا إبراهيم الشيخ الكبير امتثل لأمر الله له بذبح ابنه وإسماعيل الغلام , الشاب امتثل لأمر الله في تقديم رقبته في سبيل الله فما هي درجة امتثالنا لأمر الله فيما هو دون ذلك ؟. ما أكثر الأوامر التي نتقاعس ونتراخى في أدائها بدعوى أن لا طاقة لنا عليها والحقيقة ليست كذلك وإنما نفوسنا وأهواءنا هي التي تتحكم فينا وتقودنا لمخالفة أوامر الله وعصيانه. ما أجدرنا أيها المسلمون ونحن في هذا العيد أن نتعلم من سيدنا إبراهيم وابنه درس التضحية في سبيل الله درس البذل لله درس الصبر لله درس الطاعة والامتثال لأمر الله. 
الله أكبر(03)
أن الذي أذل هذه الأمة ونكس رأسها وأرغم أنفها وجعلها هينة عند أعدائها هو عدم البذل وعدم التضحية يدعى المسلم إلى أن يقوم بعمل بسيط في سبيل الله فيحجم ويمتنع. ويدعى لينفق قليلا من المال الذي استودعه الله في يده فيبخل <<ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء>> هذا كله لأن المسلمين اليوم أصيبوا بالوهن الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم :<< وليقذفن الله في قلوبكم الوهن قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت>> هذا هوسر الوهن وسر الضعف , حب الدنيا أي تعلق الناس بالدنيا والمصالح الشخصية والمادية وكراهية الموت : تشبث الناس بالحياة ولو كانت حياة ذليلة وإن مما يؤسف له أن ما وصف الله به اليهود أصبح الكثير من المسلمين يوصفون به اليوم . وصف الله اليهود بالحرص على الحياة <<ولتجدنهم أحرص الناس على حياة>>. ووصفهم بالبخل ووصفهم بالجبن << لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة>> ووصف الله اليهود بأن بأسهم بينهم شديد.ونحن نرى اليوم أمتنا بأسها بينها شديد يجفو بعضها بعضا ويعادي بعضها بعضا بل ويقاتل بعضها بعضاهذا هو حال أمتنا اليوم فنعوذ بالله منه حال . 
الله أكبر(03) 
إن المسلم اليوم عندما ينظر إلى حال الأمة لا يرى إلا منكرا ولا يسمع إلا فاحشا ولا يشم إلا كريها ولا يلمس إلا خشنا ولا يتذوق إلا مرا .حرمات الدين تنتهك وألسنة الناس لا تنطق إلا بفحش القول وسقطه وعيون ساخرة زانية وأيد عامرة طامعة ممتدة إلى ما حرم الله منقبضة عن ما أحل الله لعباده.آذان إلى الشر صاغية وعن سماع الخير لاهية تسمع المنكرات فتطمئن إليها وتود الإستزادة منها وتسمع القرآن فتنصرف عن آياته ولا يصل إلى قلوبها من عطائه.وتسمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تتأثر به ولا تستجيب لمضمونه, تسمع نصائح العلماء وإرشاداتهم وتوجيههم فلا يتعظون بما سمعوه يقولون سمعنا وعصينا لك أذاننا وللباطل قلوبنا أفبعد ذلك تزعمون أنكم بالإسلام عاملون وتقولون مؤمنون حق الإيمان.أفبعد ذلك تطلبون العزة في دياركم والحرية لبلادكم والنصر لأمتكم وهل تعز أمة هجرت دينها ونبذت كتاب ربها وراء ظهرها واستبدلت به القصص والروايات والأفلام والمسرحيات. أمة اتخذت ألهها هواها وشهواتها مناها. أمة يداس فيها مصالح العامة ليستفيد من وراء ذلك الخاصة.أمة عهودها منقوضة ووعودها مكذوبة تقلبها الأغراض ذات اليمين وذات الشمال أهكذا تكون أمة إمامها القرآن وقدوتها خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ؟ أهكذا تكون امة لها من سالف المجد وشامخ العز ما لم يكن الآن لأعظم الدول؟ حرام والله هذا حرام.حرام أن نكون في بلادنا أدنياء. حرام أن يكون المسلمون عبيدا أرقاء , حرام أن تكون يد الأجنبي اليد العليا, حرام أن يهان الدين والعلماء ساكتون, حرام أن يتحد علينا الغرب ونحن على شهواتنا عاكفون وعن أوامر الدين غافلون. 
الله أكبر(03) 
أيها المسلمون من شأن هذا اليوم أن يكون يوم فرح ويوم سرور وابتهاج , قد قالوا إنما سمي العيد عيدا لأن السرور فيه يعود ويتكرر ولكننا للأسف نحن المسلمين نأتي علينا الأعياد عيدا بعد عيد نحاول أن نفرح ونبتهج ونحاول أن نبتسم ابتسامة تخرج من أعماق قلوبنا لكن إذا نظرنا إلى حال المسلمين تقطعت أكبادنا ودمي فؤادنا حسرة على ما وصل إليه حالنا. فكيف نفرح وهذا حالنا وقديم قال المتنبي:
عيد بأية حال عدت ياعيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد
إن آلام المسلمين تدمي القلب ولا تجعل الفرحة تغمر الأفئدة كما ينبغي, فالفرحة تكون بحق حينما يتغير حال هذه الأمة وتعود لها عزتها ومكانتها بين الأمم . الفرحة تكون يوم تعلو كلمة الإسلام في دنيا الناس, يوم تشرق أنوار السماء على ظلمات الأرض , يوم تكون كلمة الله هي العليا وكلمة أعدائه هي السفلى أم قبل ذلك فالأعياد تظل باهتة أي أن الأمة لم تعد لها هويتها الحقيقية وسنظل نردد قول الشاعر :
قالوا عجبنا ما لشعرك باكيا في العيد ما هذا بشأن معيد 
ما حيلة العصفور قصوا ريشه ورموه في قفص وقالوا غرد
فنحن هذا العصفور المنتوف الريش المكسور الجناح لا يستطيع أن يغرد في الأعياد حتى نرى أمتنا كما أراد الله لها وهذا لا يتحقق إلا بالرجوع إلى الله سبحانه وبالعودة إلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, يتحقق عندما يعرف المسلمون أنهم خلقوا في هذه الحياة من أجل هدف سام وغاية نبيلة هذه الغاية قد قررها الله لهم في محكم تنزيله بقوله) و مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
الله أكبر(03) 
إن العبودية التي يريدها الله منا ويأمرنا بها ليست مجرد شعارات جوفاء نرددها ولا حركات لا معنى لها نقوم بها ولكن العبودية له سبحانه تعني الخضوع له والانقياد لمنهجه الثابت وصراطه المستقيم. إنها تعني الالتزام بمبادئ الإسلام عقيدة وعبادة وسلوكا , وتعني حمل الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها, إنها تعني العمل على إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعته ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام , وإنها تعني أيضا إعطاء الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين )إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) هذه هي العبودية لله رب العالمين وهذه مهمة المسلم في الأرض وحين يعطي المسلم ولاءه لله ولرسوله وللمؤمنين يكون عبدا لله , وحين يعمل بالإسلام قلبا وقالبا يأخذ بتعاليمه ومبادئه في جميع مجالات حياته يكون عبدا لله, وحين يحمل الأمانة بنفس مؤمنة وعزيمة صادقة يكون عبدا لله وبغير ذلك يكون عبدا للهوى والنفس والطاغوت يسير بلا غاية ويتخبط بلا هدى)أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 
إذن فليعلم المسلمون طبيعة دينهم وليتحرروا لحب الدنيا كراهية الموت وليعرفوا الغاية التي من أجلها خلقوا وعلى أساسها وجدوا حتى ينهضوا بالإسلام من جديد ويستعيدوا مجدهم وعزيمتهم المنيعة وقوتهم الهائلة ووحدتهم الشاملة وما ذلك على الله بعزيز, اللهم حقق لهذه الأمة آمالها وبلغها من الخير أمانيها يا أرحم الراحمين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الله أكبر (سبعا) ,
الحمد لله مد لنا موائد إحسانه وإنعامه
وأعاد علينا في هذه الأيام موائد بره وإكرامه وخصنا بضيافة عيد السرور على تعاقب أيامه وجعلنا من أمة سيد المرسلين أحمده وأشكره على ما أولى من جزيل النعم وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله عظيم الإفضال والكرم , 
الله أكبر(03) 
أما بعد فياعباد لقد اقترن بيوم عيد الأضحى جملة من الشعائر التعبدية الدائمة المتكررة وجعلها الله مظهرا من مظاهر الفرح القلبي, 
منها: خاص ببيت الله الحرام وما جاوره من ألاماكن المقدسة وهو الحج, فيه يطوف المسلمون بالكعبة ويقفون بعرفات ويقدمون الذبائح شكرا لله تعالى في ظل التعارف والتشاور والتعاون على خير المسلمين وصلاحهم 
ومنها : عام يقوم به المسلمون في أقاليمهم المختلفة وبأجناسهم المتباينة 
من ذلك : التكبير الذي يصدحون به من صبيحة يوم العيد إلى فجر رابع يوم منه فنحن المسلمين بالتكبير نزين الأعياد وبالتكبير نصنع الأمجاد بالتكبير نبدأ الصلاة وبالتكبير نبدأ المعارك وبالتكبير نبدأ الحياة إذا ولد مولود لنا أذنا في أذنيه الله أكبر وإذا قمنا إلى الصلاة قلنا الله أكبر فالله أكبر بها نرعب الأعداء في الحروب والله أكبر بها نقتحم الأحداث والخطوب, فبهذا التكبير يعلن المسلمون عقيدتهم في الله بصفة جماعية جهرية به يقررون أنه سبحانه أعظم من كل عظيم وأكبر من كل كبير فيعظم سلطانهم ولا يجدون أمامهم من كبير أو قوي يحول بينهم وبين العزة والسلطان 
فالله أكبر ليست كلمة تقال وليست مجرد شعار يرفع من دون معنى وإنما معناها أخي المسلم أن تكون الدنيا كلها في عينيك صغيرة في جنب الله عز وجل إذا عرض عليك المال أو عرض عليك الجاه أو عرضت عليك الدنيا مجتمعة لتتنازل عن دينك أو تتخلى عن مبادئك استمسكت بدينك وقلت الله أكبر من المال والثروة الله أكبر من الجاه والمنصب الله أكبر من المتع والشهوات. 

الله أكبر(03) 
وإن من الشعائر المقترنة بيوم الأضحى هذه الصلاة الجامعة التي يجتمع لها أهل البلد الواحد ويفتتحون بها يومهم على ذكر الله والوقوف بين يديه ومناجاته واستشعار عظمته ويتخذونها أساسا لعيدهم كي لا ينحرف بهم الفرح إلى ما يسخط الله ولا يرضيه. 
ثم هذه الأضحية التي شرعها الإسلام وجعلها سنة من سننه ليوسع بها المسلم على نفسه وأهله وليوسع بها على أحبابه وجيرانه ويوسع على الفقراء والمساكين . هكذا ينبغي أن توزع الأضحية يأكل منها ويهدي منها لأحبابه وأصدقائه ويتصدق على الفقراء والمحتاجين فلا عاش من يأكل وحده فليس من الإسلام أن تأكل وحدك وأن تجمع على مائدتك من الأطعمة أطيبها ومن الأشربة أعذبها وأن تلبس من الثياب أحسنها وبجوارك أخ لك أو قريب أو جار لا يجد ما يسد به الرمق أو يطفىء به الحرق ليس هذا من الإسلام يقول صلى اله عليه وسلم :<< ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم>> أي ليس بمؤمن من عاش لنفسه ولم يعش لإخوانه ولم يعش لمجتمعه هذا هو الإسلام فلا يجوز للمسلمين أن يعيشوا في دوائر مغلقة على أنفسهم وإنما ينبغي أن يبحثوا عن أهل الفقر والحاجة خصوصا في أيام العيد ومواسم الخيرات ذلك لأن الإسلام يريد أن يكون الناس إخوة متحابين ولا أخوة ولا تحاب بين إنسان عنده كل شيء وإنسان ليس عنده أي شيء لا إخوة بين ظالم ومظلوم ولا أخوة بين من يضع يده على بطنه يشكو التخمة ومن يضع يده على بطنه يشكو عضة الجوع إنما الأخوة الحقيقية حينما يتراحم الناس حينما يتكافل الناس بكفل بعضهم بعضا يعطف الغني على الفقير ويأخذ القوي بيد الضعيف :<< فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة.... الميمنة >> الله أكبر في العيد يتجلى المعنى الإنساني فيهنىء المسلم أخاه المسلم فيزيل الفجوة والجفوة بينه ويقطع الخصومة ويصلح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة أما أنها لا تحلق الشعر إنما تحلق الدين كما أخبر بذلك المصطفى صلى اله عليه وسلم لئن جاز للناس أن يتخاصموا أو يتدابروا في أيام أخرى وهذا غير جائز في أي وقت فلا يجوز لهم أن يتخاصموا أو يتدابروا أو يتقاطعوا في أيام الأعياد إبحث عن قريبك إبحث عن أخيك إبحث عن رحمك إبحث عن جيرانك واعف عمن ظلمك وصل من قطعك وأبذل لمن منعك وأعطي من حرمك وأحسن لمن أساء إليك فهذه مكارم الأخلاق التي بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتممها :<< إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق >> 

الله أكبر 
عباد الله لم يفت الإسلام وقد بني العيد على معاني المجد والقوة والسمو والسلطان أن ينظر إلى الجانب المادي في الإنسان المسلم فيعطيه في يوم عيده الحق في التمتع بالملابس الجديدة والمآكل الطيبة واللهو البريء الذي لا يخدش عرضا ولا يقتحم كرامة ولا يمس حرمة قضاء لحق البشرية في ترويض البدن والترويح عن النفس تقول السيدة عائشة t دخل أبو بكر وكان يوم عيد وعندي جاريتان تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث فقال: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله r فقال الرسول r :يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة وأني بعثت بحنيفية سمحة
فهذا عيدنا الأكبر وهذا هو العيد في الإسلام عيد فرح وزينة وشكر وعبادة يجمع بين حظي الجسم والروح ويذكرنا بالماضي المشرق ويدفعنا إلى المستقبل المؤمل فعيدوا أيها المسلمون وتنبهوا إلى ما في عيدكم من إيحاء تظفروا بالمجد والكرامة
والله أسأل أن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية بكل خير 
وسرور وأن يجعل أيامنا كلها أعيادا حافلة بالمسرات 
اللهم إنا نسألك الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام وتنصر المسلمين وأن تعلي بفضلك كلمتي الحق والدين 
اللهم إنا نسألك الصلاح والسداد والهدى والرشاد وأن تجعل كيد أعدائنا في نحورهم وأن تحمينا من شرورهم وأن تحمي أوطاننا من اعتدائهم وأن لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا اللهم ابرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك اللهم أحفظ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من كل سوء يا ارحم الراحمين اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته ولا عيبا إلا سترته ولا هما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا صحيحا إلا عافيته ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة لك فيها رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين اللهم أغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا واغفر لجميع المسلمين 
والمسلمات الأحياء منهم والأموات يارب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
batoul
المدير العام
المدير العام
batoul


الساعة الان ✿ الساعة الان ✿ :
✿ ملاحظة ✿ ✿ ملاحظة ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Oja81011
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl11
جنسي ✿ جنسي ✿ : انثى
عـدد مساهـماتـيـ ✿ عـدد مساهـماتـيـ ✿ : 1065
نــقـــ ــاطـي ✿ نــقـــ ــاطـي ✿ : 40006
السمعة ✿ السمعة ✿ : 31
مــ ـيلادي ✿ مــ ـيلادي ✿ : 05/09/1990
تـاريخـ التسـجيلـ ✿ تـاريخـ التسـجيلـ ✿ : 24/07/2014
أحلى دولة أعيش فيها ✿ أحلى دولة أعيش فيها ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Jazaer10
عــ ــمريـ ✿ : 33
انثى مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Untitl12
المسمى ✿ المسمى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  923691159
مزاجي ✿ مزاجي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1335131544527
مشروبي المفضل ✿ مشروبي المفضل ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Pepsi
اعجاب بالمنتدى ✿ اعجاب بالمنتدى ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Full1010
متصفحي ✿ متصفحي ✿ : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  411
ملك/ة المنتدى : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  King-forme
اوسمتي ✿ مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Url110
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  1418851033681
MMS MMS : مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  File_3432682

مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  Empty
مُساهمةموضوع: رد: مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك    مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك  I_icon_minitimeالثلاثاء 23 سبتمبر 2014 - 7:58


خطبة عيد الاضحى المبارك للشيخ سعود الشريم اما وخطيب المسجد الحرام 
إن مما امتن الله به على عباده المؤمنين، أن جعل لهم مواسم وفرصاً يتسابقون فيها إلى الله بالطاعات والعبادات، وقد تكلم الشيخ حفظه الله عن منة عظيمة من الله وهي: عيد الأضحى المبارك، ثم تكلم عن مسائل متفرقة كالاهتمام بالإسلام وبحكم الله، واهتمام الإسلام بشئون المرأة وحقوقها، وذم التشبه بالكفار، مبيناً ضرورة إقامة التوحيد وترك البدع والضلالات والمحدثات.

فرضية حج بيت الله




الحمد لله الذي لا يطلب منحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون. أحمده سبحانه، استتماماً لنعمته، واستسلاماً لعزته، واستعصاماً من معصيته. وأستعينه فاقة إلى كفايته، إنه لا يضل من هداه، ولا يعز من عاداه، ولا يفتقر من كفاه، له الحمد فرض علينا حج بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، يردونه رجالاً وركباناً كل عام، ويألهون إليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامةً لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته، فاختار من خلقه سماعاً أجابوا إليه دعوته، وصدقوا كلمته، ووقفوا موقف أنبيائه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علماً، وللقاصدين حرماً، فرض حجه، وأوجب حقه، وكتب علينا وفادته.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نتمسك بها أبداً ما أبقانا، وندخرها لأهاويل ما يلقانا، فإنها عزيمة الإيمان وفاتحة الإحسان، ومرضاة الرحمن، ومدحرة الشيطان.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع، والأمر الصادع؛ إزاحة للشبهات، واحتجاجاً بالبينات، وتحذيراً بالآيات، وتخويفاً بالمثلات، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد! الله أكبر كبيراً! والحمد لله كثيراً.

الله أكبر عدد ما ذكره الحاجون وبكوا! والله أكبر عدد ما طافوا بالبيت الحرام وسعوا! الله أكبر عدد ما زهرت النجوم، وتلاحمت الغيوم! الله أكبر عدد ما أمطرت السماء، وعدد ما غسق واقب أو لاح ضياء! الله أكبر عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته! 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً.

أما بعد:-

فيا أيها المسلمون: ويا حجاج بيت الله الحرام! أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه، فاتقوه في المنشط والمكره، والغضب والرضا، والخلوة والجلوة، واعلموا أنه قد اجتمع لكم في هذا اليوم عيدان، عيد الأضحى، وهو يوم الحج الأكبر، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة، فأكثروا من الشكر لله جل وعلا، وبادروا بالأعمال قبل انقطاعها واعلموا أن الله غفور رحيم.

أيها المسلمون! إن الناس ما زالوا منذ أذن فيهم إبراهيم عليه السلام بالحج يفدون إلى بيت الله الحرام، في كل عام من أصقاع الأرض كلها، وأرجاء المعمورة جميعها، مختلفة ألوانهم، متمايزة ألسنتهم، متباينة بلدانهم، يفدون إليه وأفئدتهم ترف إلى رؤية البيت العتيق، والطواف به، ويستوي في ذلك الغني والفقير، والقادر والمعدم، كلهم يتقاطرون إليه، تلبية لدعوة الله، التي أَذَّن بها إبراهيم عليه السلام: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج:27].

إن الحجاج إذ يستبدلون بزيهم الوطني، زي الحج الموحد، ويصبحون جميعاً بمظهر واحد، لا يتميز شرّقيهم عن غرّبيهم، ولا عربيّهم عن أعجميّهم، كلهم لبسوا لباساً واحداً وتوجهوا إلى رب واحد، بدعاء واحد، وتلبية واحدة: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.

تراهم يلبون وقد نسوا كل الهتافات الوطنية، وخلفوا وراءهم كل الشعارات القومية ، ونكسوا كل الرايات العصبية والعرقية، ورفعوا راية واحدة هي راية: لا إله إلا الله محمد رسول الله، يطوفون حول بيت واحد، ويؤدون نسكاً واحداً.

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر! ولله الحمد!

إن الله عز وجل يوم شرع الحج للناس أراد بما أراد من الحكم أن يكونوا أمة واحدة، متعاونة متناصرة، متآلفة متكاتفة، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

إن الحج سلامٌ حقيقي برمته، سلام غير مزيف، يدخل فيه المسلم مدة هذا النسك فيتعلم من خلاله احترام حق الحياة لكل مسلم حي، مهما كانت درجة حياته، فلا يتعدي على أحد، ولا يظلم أحداً، ولا يبغي على أحد.......


الإسلام دين السلام




إن كل عاقل ومنصف يشهد بالله: أن السلام الحقيقي والتعاون القلبي والروحي، والتعاون على البر والتقوى، لا ظل له في الواقع إلا بالإسلام ومن خلال الإسلام وتاريخ الإسلام، وأما غير المسلمين من شتى الأمم ومختلف الديانات فإن أقوالهم معسولة وأفعالهم مسمومة فيما يدعون إليه، إذ جعلوا مفهوم حقوق الإنسان عندهم مبنياً على فتح باب الحريات على مصراعيه، حسب ما يقتضيه المفهوم العلماني عندهم، والذي يرقب شرعة الله وصبغته، بل يتم به تدمير الأخلاق، وإشاعة فوضى الغرائز، ثم هم يزعمون أنها برمتها تعني مبادئ الحضارة والتقدم والرقي، ومن خالفها وكابر فيها رموه بأنه مخالف لحقوق الإنسان، وهي ليست من الحقوق في ورد ولا صَدَر، ولا هي من بابته، بل إن حلوها مرٌ، وسهلها صعب، ودماثتها ذميمة، ويا لله! لقد صدقوا ظنهم، فاتبعوهم أغرار ولهازم، من مفكرين وكتاب، بالعلوم السياسية والاقتصادية والقانونية وعلم الاجتماع، وجملة هؤلاء هم في الحقيقة أشياع لدعوات الغرب ولدات.

يتسللون لواذاً عن أصول دينهم، فيشوشون بالتشريع ويهوشون في الحدود، وليس غريباً أن تتبدى خطوط مثل هذه القضية عبر هذه الفتن المتلاطمة، ولا يظن بالطبع أن ما بقي من ألوانها ورسومها بمعجزنا أن نتخيله، فمواقعوها هم صنف من الناس، يتمددون بالحرية، وينكمشون بالإسلام، وكفاكم من شر سماعه، وتلكم ثمالة نعيذكم بالله من غوائلها.

لقد طب أصحاب تلك الدعوات زكاماً، فما أحدثوا في الحقيقة إلا جذاماً، وحللوا بزعمهم الهموع غداً وبالذي وضعوه زادت العقد، فكم يقتل من المسلمين، وكم تنزع من حريات، وكم يعتدى على حقوق في حين أن دعاة حقوق الإنسان يخفضون جناح الذل من رحمتهم وعدلهم المزعوم على دعم وتحصيل منظمات عالمية لمحبي الكلاب، وأصدقاء الحيوانات الأليفة، فتفتح الصوالين للكلاب، ليقوم أخصائيون بقص شعرها وتزينها وتعطيرها، وبالمقابل -عباد الله- تفتتح الصوالين الدموية التي يقص من خلالها شعور البشر المسلمين، ويحلقون أديانهم ويغتصبون أرضهم وأموالهم.

فليت مخبراً يخبرنا.. أتكون الكلاب المكلبة أهم وأعظم من قطر إسلامي بأسره، تعدو عليه حثالة لئيمة من ذئاب البشر وعبدة الطاغوت، فيقتلون الشيوخ والأطفال، ويرملون النساء في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي غيره من أراضي المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله؟ إنهم بذلك هم قتلة الإنسان، وهم حماة حقوق الإنسان المجرم.

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد! الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر كبيراً!......


شمولية الإسلام




أيها المسلمون: يا حجاج بيت الله الحرام! ما أحوج البشرية في هذا العصر وهي تكتوي بلهيب الصراعات الدموية والنزاعات الوحشية، ما أحوجها وهي تلتفت إلى بيت الله الحرام، إلى أن تخلِّص نفوس أبنائها من الأنانية والبغضاء، والكراهية والشحناء، وترتقي إلى أفق الإسلام السامي، فتتعلم الحياة بسلام ووئام، كما أراد الله لعباده المؤمنين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:208-209].

إنه بهذا الصفة، وتلك الجموع، يقرر الإسلام: أنه ليست هناك دواع محفولة تحمل الناس على أن يعيشوا متناكرين، بل إن الدواعي القائمة على الطريق الحق تمهد للمسلمين مجتمعاً متكافلاً، تسوده المحبة، ويمتد به الأمان، على ظهر الأرض كلها، والله عز وجل رد أنساب الناس وأجناسهم إلى أمرين اثنين، ليجعل من هذه الرحب ملتقى تتشابك عنده الصِلات، وتستوثق العُرى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13].

إنه التعارف لا التنافر، والتعاون لا التخاذل، فالأرض أرض الله، والكل عباد الله، وليس هناك إلا ميزان واحد، تتحدد به القيم، ويعرف به فضل الناس، ألا وهو التقوى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] ألا أن الكريم حقاً هو الكريم عند الله، وهو يزنكم عن علم وخبرة: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34].

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر! ولله الحمد!......


بيت الله يجدد معالم التوحيد




حجاج بيت الله الحرام! إن بيت الله العتيق ما برح يطاول الزمان، وهو شامخ البنيان، في منعة من الله وأمان، بناه إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، إعلاناً بالتوحيد الخالص، إذ بناؤه مرهون بتوحيد الله، حيث قال جل وعلا: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً [الحج:26].

فمن أجل التوحيد بني بيت الله، لئلا يعبد إلا هو وحده، فقد حطم المصطفى صلى الله عليه وسلم الأصنام من حول الكعبة -وعلى رأسها أعلاها وأعظمها هبل- وهو يردد: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً [الإسراء:81].

لقد تمثل التوحيد في الحج من خلال التلبية، وفي قراءة سورتي الكافرون وقل هو الله أحد في ركعتي الطواف، وتمثل في خير الدعاء وهو دعاء يوم عرفة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).

إذاً: فالتوحيد -عباد الله- هو لباب الرسالة السماوية كلها، وهو عمود الإسلام وشعاره الذي لا ينفك عنه، وهو الحقيقة التي ينبغي أن نغار عليها ونصونها من كل شائبة، فالتوحيد وسيلة كل نجاح وشفيع كل فلاح، يصير الحقير شريفاً، والوضيع مطريفاً، يطول القصير ويقدم الأخير، ويعلي النازل، ويشهر الخامل، وما شيد ملك إلا على دعائمه، ولا زال ملك إلا على قواصمه، ما عزت دولة إلا بانتشاره، ولا زالت وذلت إلا باندثاره، ألا وإن معظم الشرور والنكبات التي أصابت أمة الإسلام وأشد البلايا التي حلت بها إنما كانت بسبب ضعف التوحيد في النفوس، وما تسلط من تسلط من الأعداء، وتعجرف من تعجرف، وغار من غار على حياض المسلمين، واستأصل شأفتهم إلا بسبب ضعف التوحيد، وما تأريخ التتار عن المسلمين بغائب، حيث بلغ الضعف في نفوس كثير من المسلمين آنذاك مبلغاً عظيماً؛ بسبب ضعف التوحيد، حتى ذكر بعض المؤرخين: أن جموعاً من المسلمين، أبان الهجوم التتري لبلاد الإسلام كانوا يرددون:

يا خائفين من التتر لوذوا بقبر أبي عمر 


عوذوا بقبر أبي عمر ينجيكم من الضرر 


كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [الأنعام:17].

لقد ابتلي كثير من الناس بالجهل بالتوحيد، حتى لم يعرفوا حق الله وحق العبد، ومزجوا بعض ما لله فجعلوه للعبد، حتى انحاز بعضهم إلى أصحاب القبور، وتضرعوا أمام أعتابها، وتمسحوا بها، واستغاثوا بأهلها بالشدائد والكروب، بل لقد كثر مروجوها والداعون إليها من قبوريين ومخرفين، والذين يخترعون حكايات سمجة عن القبور وأصحابها وكرامات مختلقة لا تمس إلى الصحة بنصيب.

بل قد طاف بعضهم بالقبور كما يطاف بالكعبة المعظمة، وأوقفوا الأموال الطائلة على تلك الأضرحة، حتى إنه لتجتمع في خزائن بعض المقبورين أموال يصعب حصرها، فيا لله! كيف أن أحياءهم لا يكرمون بدرهم واحد، وبألف ألف قد يكرم أمواتهم!!

لقد قصر أناس مع التوحيد، فتقاذفتهم الأهواء، واستحوذت عليهم الفتن والأدواء، فمن مفتون بالتمائم والحروز يعلقها عليه وعلى عياله؛ بدعوى أنها تدفع الشر، وتذهب بالعين، وتجلب الخير، والله تعالى يقول: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنعام:17].

لقد قصر جمع من المسلمين مع التوحيد، فافتتنوا بالمشعوذين، والدجاجلة الأفاكين، من سحرة وعرافين ونحوهم، والذين يأكلون أموال الناس بالباطل، بدعوى أنهم يكاشفونهم بأمور الغيب، فيما يسمى مجالس تحضير الأرواح، أو قراءة الكف والفنجان، ليكاشفوا الناس -على حد زعمهم- عما سيحدث في العالم خلال يوم جديد، أو أسبوع سيطل، أو شهر أوشك حلوله، أو عام مرتقب: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65].

ناهيكم -عباد الله- عن اللت والعجن عبر الصحف والمجلات ونحوها، فيما يسمى قراءة الأبراج ومستقبلها، والذي يروج من خلاله بأنه يا لسعادة كاملة لأصحاب برج الجدي، ويا لغنى أصحاب برج العقرب، وأما أصحاب برج الجوزاء فيا لتعاسة الحظ وخيبة الأمل (زعموا) إلى غير ذلك من سيل الأوهام الجارف، والخزعبلات المقيتة التي لا حد لها: أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ [الطور:38]. 

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! والله أكبر! الله أكبر! ولله الحمد! بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله إنه كان غفاراً.......


الاحتكام إلى شرع الله




الحمد لله ولي الصالحين، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فاتقوا الله -أيها المسلمون- واجعلوا من عيدكم هذا صفحة جديدة بيضاء، يصحح من خلالها الواقع المرير، ويكشف الزيغ عن كثير من الشعارات، والنداءات التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، وأن يكون الحكم لله في أرضه، وأن تكون الهيمنة في جميع شئون الحياة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] .. أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]. 

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: { مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي محموم، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا: نعم، فدعا رجلاً من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال: لا. ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فقلنا: إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلناه التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم، فأنزل الله:يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ [المائدة:41].. الحديث } رواه مسلم . 

فأي حكم -عباد الله- أهدى من حكم الله، وأي شريعة أصلح من شريعة الإسلام: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [النحل:9]. 

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد! 

أمة الإسلام: حجاج بيت الله الحرام! إن أردتم السعادة والفلاح فأصلحوا نفوسكم من داخلها، ونقوا وسائل المجتمعات من شوائبها، لا سيما الإعلام، لأنه سلاح ذو حدين، فالله الله أن يُرى فيه ما يحلق الدين، أو ما يضلل الناس، أو يكون سبباً في البعد عن الحقائق، مع نشر الكذب والدجل، والتضليل على الشعوب والمجتمعات، فإن مما لا شك فيه، أن الإعلام قوام المجتمعات، وإذا أردت أن تحكم على مجتمع ما صعوداً أو هبوطاً فانظر إلى إعلامه. 

فحذار -أمة الإسلام- من الإخلال بضوابطه والخروج عن مقصده من حيث النفع والتربية، والنشأة السوية، وخدمة المجتمعات فيما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، وفق شريعة الله الخالدة، فاتقوا الله أيها الإعلاميون، واعلموا أنكم مسئولون تجاه الأمن الفكري سلباً وإيجاباً.......


اهتمام الإسلام بالمرأة




كما أنه ينبغي علينا جميعاً أن نصحح أوضاعنا تجاه المرأة المسلمة، وأن نتفطن للأيادي العابثة، والقفازات الزائفة، والتي تتربص بها ليل نهار لتخرجها من نطاقها المرسوم لها حتى تكون فريسة لذوي الشهوات المسعورة، والمطامع المشبوهة، وللذين كرهوا ما نزل الله.

ولنحرص جميعاً على تبيين اهتمام الإسلام بالمرأة، وأنها لها شأن في المجتمع، بل هي نصف المجتمع، وأن الإسلام رعا حقها بنتاً، ورتب الأجر الجزيل على من عال جاريتين، ورعا حقها زوجة، فجعل لها من الحق مثلما للرجل وللرجل عليها درجة، ولم يجعل عقد الزوجية عقد استرقاق للمرأة ولا عقد إهانة واتفاق، إنما هو عقد إكرام واتصال بالحلال.

كما أحسن الإسلام في الوقت نفسه إلى المرأة أماً فقدم حقها على حق الأب، ثلاث مرات في البر، بل أكد النبي صلى الله عليه وسلم حق المرأة المسلمة في حجة الوداع بقوله: {فاتقوا الله بالنساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف } 

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد! 

حجاج بيت الله الحرام! يا من أديتم مناسككم ووقفتم بـعرفات ، وانحدر بكم الشوق إلى المزدلفة ، فسكبتم عند المشعر الحرام العبرات، هنيئاً لمن رزقوا الوقوف بـعرفة ، وجأروا إلى الله بقلوب محترقة، ودموع مستبقة، فلله كم من خائف أزعجه الخوف من الله وأقلقه، ومحب ألهمه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله فصدقه، اطلع عليهم أرحم الرحماء، وباهى بجمعهم أهل السماء.

فهل رأيتم -عباد الله- قط شبه عراة، أحسن من المحرمين، هل شاهدتم ماء صافية أصفى من دموع المتأسفين، هل ارتفعت أكف وانبسطت أيدي فضاهت أكف الراغبين. 

هل لصقت بالأرض جباه أفضل من جباه المصلين، فيا لها من غنيمة باردة، ويا له من فوز خاب مضيعوه. 

حجاج بيت الله الحرام! أخلوا لله حجكم، واتبعوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم تفحلوا، واشكروا الله شكراً كثيراً على أن هيأ لكم سبل الراحة، وأداء الحج في يسر وسهولة، مع أمن مبذول، وتنظيم مشكور، ومعنيين بالدعوة والتوجيه، سخرهم الله في بلاد الحرمين ، خدمة لحجاج بيته، فالحرمان الشريفان أهل لأن يخدما، وبلاد الحرمين الشريفين حرسها الله أهل لأن تكون خادمة للحرمين، فشكر الله الجهود، وبارك بالخطا، وتقبل من الحجاج حجهم إنه هو السميع العليم.

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد!......


سنية الأضحية وشروطها




عباد الله: إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر وهو عيد الأضحى والنحر، وإن من أعظم ما يؤدى في هذا اليوم، هو بقية مناسك الحج، إضافة إلى الأضحية الشرعية، التي ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإن للمضحي في كل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة، وهي سنة أبينا إبراهيم المؤكدة، ويكره تركها لمن قدر عليها، كما أن ذبحها أفضل من التصدق بثمنها، وتجزئ الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة.

ثم اعلموا أن للأضحية شروطاً ثلاثة: الشرط الأول: أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً وهو خمس سنين للإبل وسنتان في البقر، وسنة كاملة في المعز، وستة أشهر في الضأن.

والشرط الثاني: أن تكون سالمةً من العيوب، التي نهى عنها الشارع، وهي أربعة عيوب، العرجاء التي لا تعانق الصحيحة في الممشى، والمريضة البين مرضها، والعوراء البين عورها، والعجفاء: وهي الهزيلة التي لا مخ فيها، وكلما كانت أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل.

والشرط الثالث: أن تقع الأضحية في الوقت المحدد، وهو الفراغ من صلاة العيد، وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد، فصارت الأيام أربعة.

ومن كان منكم يحسن الذبح فليذبحها بنفسه، ومن لا يحسنه فليوكل غيره ممن يحسنه، وليرفق الجميع بالبهيمة، وليرح أحدكم ذبيحته، وليحد شفرته، فإن الله كتب الإحسان على كل شيء، حتى في ذبح البهيمة، ثم ليسمي أحدكم عند ذبحها، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن فلان أو فلانة، ويسمي صاحبها.

ثم أعلموا -أيها المسلمون- أن الله سبحانه وتعالى قد جمع لكم في هذا اليوم عيدين اثنين، وقد ثبت عند أبي داود و ابن ماجة وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون }. 

وقد قال محققون من أهل العلم: إن من شهد العيد، سقطت عنه الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد.......


النهي عن التشبه بالكفار




ثم اعلموا -يا رعاكم الله- أن الله سبحانه لم يشرع لأمة الإسلام في السنة إلا عيدين اثنين، هما: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وبهذا يعلم أن ما يفعله البعض، من التقليد الأعمى لأهل الغرب من خلال التشبه بأعيادهم ومناسباتهم وإقامتها في بلاد المسلمين، كالذي يسمى عيد الحب، أو عيد الأم، أو ما شابه ذلك، فإن هذا من الأعياد المحدثة التي لم يأذن بها الشارع الحكيم بل حرمها من وجوه متعددة، في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. 

ورأس أسباب التحريم: هو أنه من الإحداث في الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } ناهيكم عن كونه تشبهاً بالمشركين، وقد جاء النهي عن التشبه بهم، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من تشبه بقوم فهو منهم }.

إضافة إلى كونها تسلب استقلالية المسلمين وعزتهم وتمسكهم بدينهم على وجه المسارقة والتدرج، وأمة الإسلام يجب أن تكون متبوعة لا تابعة، وقائدة لا مقادة، ورضي الله عن ابن مسعود حيث يقول: [[أنتم أشبه الأمم ببني اسرائيل سمة وهدياً، تتبعون عملهم، حذو القذة بالقذة، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أما لا ]] .. وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج:34-37]. 

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد! 

هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية، وأفضل البشرية، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فقد أمركم الله بذلك فقال في كتابه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

وارض اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر و عمر ، و عثمان و علي ، وعن سائر الصحابة برحمتك يا أرحم الراحمين! 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين! 

اللهم انصر دينك وكتابك، وسنة نبيك وعبادك المؤمنين. اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وسلم الحجاج والمسافرين والمعتمرين، في برك وبحرك وجوك من المسلمين يا أرحم الراحمين! 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم! اللهم أصلح له بطانته ياذا الجلال والإكرام! اللهم اجعل مواسم الخيرات لنا مربحاً ومغنماً، وأوقات البركات والنفحات لنا إلى رحمتك طريقاً وسلماً.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

الله أكبر! الله أكبر! لا إله إلا الله! الله أكبر! الله أكبر ولله الحمد! الله أكبر! الله أكبر كبيراً!......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مجموعة من الخطب لعيد الاضحى المبارك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صور تهنئة بمناسبة عيد الاضحى المبارك
» قصيدة عن رمضان المبارك
» اشهار مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي
» من يريد انضمام الى مجموعة الدعم الفني
» مجموعة منتدى اللمة الجزائرية على الشبكة الاجتماعية فيس بوك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الاسلامي :: ملتقى الخطب والمحاضرات الاسلامية-
انتقل الى:  
Loading...

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML